الأماكن الأثرية والسياحية في القدس
-أسوار المدينة وأبوابها:
شيد السور الحالي لمدينة القدس على يد السلطان العثماني المعروف بسليمان القانوني
(1566-1520م). هذا السور هو في الحقيقة في سلسلة من الأسوار الكثيرة التي بنيت حول
المدينة ودمرت مرات عديدة.
فتح السلطان سليمان ستة أبواب في أسوار المدينة وأطلق عليها أسماء محددة مثل: باب
الشام، وباب الخليل، وباب الغور، ...........الخ، ولكن الأسماء المستعملة اليوم
تختلف تبعا للغة والدين. وللتعرف من قرب على المدينة وحياة أهلها يسمح للزوار
بالمشي على أجزاء من السور في أوقات محددة.
- باب العمود أو باب الشام:
يمثل هذا الباب مثالا جيدا لفن العمارة العثمانية، وهو الأكبر والأكثر اتقانا من
بين أبواب المدينة الستة، لقد احتفظ الباب بشكل مدخلة الأصلي، وهو على شكل حرف (L)
باللغة الإنجليزية، بينما تم إدخال تعديلات على معظم الأبواب الأخرى للسماح
للسيارات بالدخول إلى المدينة. الشارع المؤدي إلى باب العمود هو شارع نابلس
الرئيسي، ويقود الباب إلى الجزء الإسلامي من المدينة وهو الأكبر والأكثر حيوية من
بين أجزاء المدينة القديمة الأربعة، هذا القسم هو أيضا الأجمل والأكثر جاذبية بفضل
أبنيته الكثيرة من مساجد وكنائس . وخاصة مسجد قبة الصخرة المشرفة، وأيضا بسبب
أسواقه الرائعة، وخصوصا سوق العطارين.
باب العمود كخلية النحل، يعج بالحركة من الداخل ومن الخارج وتقع على جنباته العديد
من الدكاكين، ومحلات الصرافة، ومحلات الهدايا والتحف الشرقية والمقاهي، ويرى الزائر
هنا أيضا مئات التجار المتجولين من رجال ونساء ريفيات يأتين لبيع الفواكه والخضروات
الطازجة، وأمام الباب تصطف الباصات وسيارات الأجرة لنقل الناس إلى كل مناطق الضفة
الغربية، شمالا رام الله ونابلس، وجنوبا إلى بيت لحم والخليل وشرقا إلى أريحا وجسر
اللنبي.
- باب الزاهرة أو باب الملك هيرودوس:
يقع هذا الباب في الجزء الشمالي الشرقي من السور. سمي بباب هيرودوس بناء على اعتقاد
قديم بان البيت المملوكي الواقع داخل الباب كان قصرا لهيرودوس انتيباس، ويقال أن
الصليبين أقاموا عند هذا الباب أول راس جسر لهم على السور عند اقتحامهم للمدينة سنة
1599م.
- باب الغور، الأسباط أو باب الأسود:
يقع في الجزء الشرقي من السور مقابل جبل الزيتون. ويعرف هذا الباب باسم باب الأسود
لوجود تماثيل لأسود منحوتة على جانبي الباب.
- باب المغاربة:
هو الباب المؤدي إلى الحي اليهودي في المدينة القديمة. سماه العرب باب المغاربة لان
مهاجرين من المغرب العربي كانوا يسكنون في هذا الجزء من المدينة في الوقت الذي بنيت
فيها أسوارها في القرن السادس عشر الميلادي. وكان الباب قديما يسمى المحرقة لان
فضلات الطعام كان يلقى بها خارجا نحو وادي قدرون من هناك ويشعلون بها النار، حتى
صار الوادي نفسه يعرف بوادي النار أو ربما من هنا جاء مفهوم الجحيم في الديانات
التوحيدية المختلفة.
- باب النبي داوود أو باب صهيون:
يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية للمدينة مقابل جبل صهيون(حصن يبوس)، وهو الجبل
الذي تتوجه كنيسة الصعود Dermetion والدير التابع لها.ومن هذا الباب ينحدر الطريق
ليقطع وادي قدرون . أما القلعة الكبيرة المربعة الشكل التي بداخل الباب فهي بناء
أيوبي يعود إلى العام 1212 للميلاد
-
باب الخليل أو باب يافا:
يقع في الزاوية الجنوبية الغربية للسور
ويقود إلى حي الأرمن. هدم مدخله الذي يشبه شكل حرف (L) باللغة الإنجليزية سنة 1898م
للسماح للإمبراطور الألماني قيصر ويلهلم الثاني بدخول المدينة راكبا. وتقول أسطورة
محلية، أن القبرين اللذين يقعان داخل الباب شمالا، يعودان للمهندسين المعماريين
الذين اعدمهما السلطان سليمان، لأنهما لم يجعلا جبل صهيون (جبل المكبر) داخل أسوار
المدينة.
- الباب الجديد:
يؤدي هذا الباب إلى الحي المسيحي من المدينة ،فتح في السور عام 1889 م من قبل
السلطان عبد الحميد، لتسهيل عملية الدخول إلى المدينة من الضواحي الجديدة شمالي
المدينة القديمة. بالإضافة إلى هذه الأبواب فان هناك عددا من الأبواب الأخرى في
أسوار مدينة القدس مثل الباب الذهبي والباب المزدوج والباب الثلاثي، وكلها جميعا
مغلقة في الوقت الحالي.
داخل أسوار المدينة:
تقسم مدينة القدس المسورة إلى أربعة أحياء، أكبرها وأنشطها وأكثرها كثافة
سكانية هو الحي الإسلامي الذي تبلغ مساحته اكثر من 76 دونما. أما الأحياء الثلاثة
الأخرى: الحي المسيحي، والحي اليهودي والحي الأرمني فهي أصغر كثيرا. يقع الحي
الإسلامي من المدينة في الجهة الشرقية منها، ويمتد من باب العمود إلى الحرم الشريف
ويطل على وادي قدرون. يكتظ الحي بالأبنية ذات الطابع الإسلامي، ومن أهمها مسجد قبة
الصخرة المشرفة ذات القبة الذهبية الساحرة، والمسجد الأقصى المبارك.تعد قبة الصخرة
المشرفة جوهرة القدس، ويعدها البعض واحدة من عجائب الدنيا السبع. بناها الخليفة
العربي الأموي عبد الملك بن مروان، بين عامي 688-691م، وبقيت على الشكل نفسه حتى
اليوم، وبنيت القبة فوق الصخرة التي صعد منها النبي محمد (صلعم) إلى السماء أثناء
معجزة الإسراء والمعراج. لهذا السبب تعد القدس ثالث اقدس مدينة لدى المسلمين بعد
مكة والمدينة ومسجدها الأقصى المبني بين عامي 705-707م بعد الميلاد؛ ويعد ثالث أهم
مسجد لدى المسلمين في العالم، وأول قبلة لهم في صلاتهم، ويعرف هذان المسجدان معا
باسم الحرم القدسي الشريف، وهو أول وأهم حرم ديني بناه العرب –المسلمون خارج
الجزيرة العربية.
تضم مدينة القدس أكثر من ثلاثين مسجدا آخر داخل أسوارها، أهمها المسجد العمري الذي
يقع مقابل كنيسة القيامة في الحي المسيحي بني هذا المسجد السلطان الأفضل ابن صلاح
الدين سنة 1193م تخليدا لذكرى صلاة الخليفة عمر على مدخل الكنيسة سنة ( 638م).
أما المصلي المرواني الذي يطلق عليه البعض خطأ اسم إسطبلات سليمان فهو امتداد للحرم
نفسه وجزء منه. ويستخدم المسجد اليوم من قبل المسلمين للصلاة خاصة في أيام الجمعة
وفي شهر رمضان، حيث يزيد عدد المصلين الوافدين إلى الحرم في أيام الجمعة في رمضان
عن نصف مليون، ويؤمونه من مختلف المناطق الفلسطينية . ويمثل هذا المسجد شكلا آخر
لفن العمارة الإسلامية من الفترة الأموية.
المتحف الإسلامي:
هو مبنى صغير، غربي قبة الصخرة، يحتوي على مجموعة رائعة من الأدوات والمصاحف
المهداة للحرم على مر العصور، وفيه مخطوطات قرآنية من حقب تاريخية مختلفة.
المعروضات في المتحف فريدة من نوعها وتستحق الزيارة.
البنايات المملوكية:
بنى المماليك (1250-1517م) الكثير من الأبنية العامة في القدس بما في ذلك
المدارس والخانات والأسواق والحمامات والتكيات للحجاج والاسبلة (أماكن لتزويد
الزوار والعامة بالماء مجانا، وينفق عليها من قبل الأغنياء أو السلاطين) فرباط
المنصوري، خان طنكيز، ومدارس الاشرفية، والمنجكية، والجواهرية والتنكيزية، وسبيل
قايتباي، الواقعة كلها حول الحرم هي مجرد أمثلة للتعريف بها، وهي تمثل عددا بسيطا
من المباني المملوكية في القدس. وان كل هذه المباني تستحق الزيارة بالتأكيد، وهي
تتركز على الجوانب الغربية الشمالية للحرم الشريف، وعلى واجهات العديد منها نقوش
تدل على اسم مؤسسيها، وتاريخ بنائها ووظيفتها، معظم هذه الأبنية تسكنها عائلات
فلسطينية لاجئة تم تهجيرها من غربي القدس ومناطق أخرى نتيجة للصراع العربي
الإسرائيلي، ولذلك لا يسمح للزوار بدخولها، ولكن وبما أن واجهات هذه المباني
المزخرفة هي بالفعل الجزء الأكثر أهمية وجمالا في هذه الأبنية فان بالإمكان تجاوز
حقيقة عدم إمكانية دخولها.
الحي المسيحي:
تعد كنيسة القيامة البناء الأهم والأكثر قدسية لدة العالم المسيحي، و يغطي هذا
الجزء ما مساحته 45 دونما في الجهة الشمالية الغربية للمدينة القديمة. البناء الأهم
والأكثر قدسية هنا هو كنيسة القيامة التي بنيت على قبر السيد المسيح وتعد أهم واكثر
كنيسة تبجيلا لدى العالم المسيحي. يعود تاريخ بناء كنيسة القيامة إلى القرن الرابع
بعد الميلاد حين قامت الملكة هيلانة، أم الإمبراطور الروماني الشهير قسطنطين،
بزيارة حج إلى الأرض المقدسة وأمرت بتشييد كنيسة في هذا المكان الذي يعتقد أنه شهد
حادثة صلب السيد المسيح، ومن ثم قيامه من بين الأموات. (حسب المعتقدات المسيحية)،
ولقد تعرضت الكنيسة الأصلية للدمار اكثر من مرة، وكانت في الأصل اكبر من الكنيسة
القائمة اليوم، التي لم تأخذ شكلها الحالي حتى سنة 1959م والغرفة الرخامية التي تضم
قبر يسوع المسيح صغيرة جدا، ولا تتسع لأكثر من أربعة أشخاص في كل زيارة.
وهناك عشرات الكنائس داخل أسوار مدينة القدس وخارجها، بعضها من الفترة البيزنطية
ولكن معظمها من الفترة الصليبية (1099-1187م)، وهذه الأبنية هي من افضل آثار هاتين
الحقبتين في فلسطين، ومن الكنائس المهمة في المدينة كنيسة سانت آن في القسم
الإسلامي من المدينة داخل باب الأسود، وهي ذات طابع روماني بنيت فوق قبو يعتقد انه
مكان ولادة السيدة مريم العذراء.
وبنيت الكنيسة سنة 1100 بعد الميلاد من قبل زوجة بولدوين، وبالقرب من الكنيسة بركة
بيت حسدا المقدسة للمسيحيين، لأنها المكان الذي يعتقد أن المسيح أشفى فيه الرجل
المجذوم، ودير راهبات صهيون مقام على الموقع الذي يعتقد بان بيلاطس النبطي حكم فيه
بالموت على يسوع قائلا: "هو ذا الرجل"، وكان آنذاك يسمى قلعة انطونيا، وبانيها هو
الملك هيرودوس العظيم. ويحتوي الدير على قوس روماني يعرف اليوم ب(Ecco Homo)، الذي
من عنده بدأ يسوع طريق الآلام حاملا صليبه إلى جبل الجلجلة، حيث صلب ومات، ثم دفن
وقام من بين الأموات حسب المعتقدات المسيحية.
- الحي اليهودي:
يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من المدينة المسورة، ويتم الدخول إليه من باب
المغاربة، منذ أن احتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967م واخذ هذا الحي يكبر ويتسع
بسرعة على حساب الأحياء الأخرى..... (ويفصله عن الحرم القدسي الشرقي حائط البراق
الذي هو جزء من السور الغربي للحرم القدسي الشريف، ويبلغ طول المساحة المكشوفة منه
48 مترا تقريبا، وارتفاعه 17 مترا، وطول بعض حجارته 5 أمتار، وهو وقف إسلامي، يعود
بناؤه إلى فترات تاريخية مختلفة، ولا آثار فيه لما يسمى بالحائط الخارجي للهيكل
الأول أو الثاني الذي دمر سنة 70م، وأمامه رصيف أبعاده 36×3.5م، وهو ضمن أوقاف
السادة المغاربة وهذا الحائط بالرغم من إسلاميته وكونه وقفا إسلاميا إلا أن اليهود(
يدعون انه) الحائط الخارجي للهيكل الثاني (ويسمونه حائط المبكى)، وقد منع اليهود من
دخول القدس منذ عام 70 ميلادي، إلا انهم زاروها خفية وبشكل فردي ومتفرق، وكانوا
يقفون على جبل الزيتون لالقاء نظرة على هيكلهم المهدم (المزعوم) بعد أن منعوا من
دخول بيت المقدس كليا. وفي ظل التسامح الإسلامي دخل اليهود بيت المقدس بالرغم من
طلب البطريرك صفرونيوس عدم دخولهم المدينة كما جاء في العهدة العمرية، وكانوا يبكون
عند الصخرة المشرفة.
وبعد بناء المسجد الأقصى وقبة الصخرة اخذوا يبكون عند حائط الحرم القدسي الشريف دون
تحديد لأي جهة من الحائط، ويقومون بالصلاة عنده وزيارته، أن زيارة الحائط والصلاة
الفردية بجانبه كانت مستمرة في ظل التسامح الإسلامي مع أصحاب الديانات الأخرى،
وكثيرا ما ادعى اليهود أشياء لم تكن لهم، تسامح لهم بها المسلمون، وسمح المسلمون
لهم بزيارة الأماكن المقدسة الإسلامية والدخول إليها شرط الاحتشام والالتزام بقواعد
الآداب العامة، وأشار بعض الرحالة والمؤرخين اليهود إلى مثل هذه الزيارات في
القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين ....، وقد رجحت بعض المراجع أن مثل هذه
الصلاة أقيمت تقريبا بين منتصف القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي وحتى
منتصف القرن الذي يليه، وارتبط ذلك بعاملين الأول: تهجير اليهود من الأندلس،
الثاني: تدهور الوضع المالي للدولة العثمانية وقيامهم بالاستدانة من اليهود مع
العلم أن صلاتهم حتى عام 926هـ /1519م كانت عند السور الشرقي للحرم قرب بوابة
الرحمة.
وكانت صلاة اليهود، وبكاؤهم أمام حائط البراق دون إحضار أية أدوات معهم، واستمر ذلك
في ظل تسامح المسلمين.
ويتكون الحائط من عدة طبقات من الحجارة :
الطبقات السفلى من الحائط والمبنية من حجارة هيرودية ضخمة، هي القسم المتبقي من
أساسات معبد هيرودوس من القرن الأول قبل الميلاد. أما الادعاء بان هذه الحجارة هي
جزء من هيكل سليمان، فهو ادعاء غير صحيح إطلاقا.
والطبقات العليا من الحائط جديدة، أضافها السيد مونتفيوري في أواسط القرن التاسع
عشر الميلادي.
الدخول إلى حائط البراق مجاني، ولكن هناك مراقبة أمنية مشددة على الزوار غير
اليهود، وخاصة العرب منهم، ويمكن في الحي اليهودي رؤية الشارع الرئيسي لمدينة ايليا
كابيتولينا الرومانية من عهد هادريان (الكاردو) وأربعة كنس يهودية تم تجديدها
حديثا، وعدة متاحف أثرية.....الخ.
حي الأرمن:
هو اصغر أحياء المدينة المقدسة، ويحتل الجهة الجنوبية الغربية من المدينة، واهم
أبنيته كاتدرائية الأرمن وما يعرف بقلعة أو برج الملك داوود بمآذنها وأبراجها
الجميلة، ويمثل حي الأرمن مدينة داخل مدينة، فهو يحتوي على مدارس ومكتبات ومعاهد
تعليمية وكنائس، وأيضا أحياء سكنية خاصة بالطائفة الأرمنية وكلها منتظمة حول
كاتدرائية القديس يعقوب الارثوذكسية من القرن الثاني عشر الميلادي، ويعتقد بان
الجزء الأكبر من هذا الحي وخصوصا الجزء الواقع جنوبي القلعة وكذلك منطقة القلعة
نفسها كانت في يوم من الأيام قصرا للملك هيرودوس. والحجارة الضخمة في اسفل البرج هي
اقدم جزء منه، ويقال أنها كانت جزءا من جدران القصر.
تعرف
القلعة اليوم باسم برج داود، ويبدو أن البيزنطيين هم أول من أطلقوا عليها هذه
التسمية، تحكي القلعة والبرج تاريخ القدس، فالحكام الرومان لفلسطين من القرن الأول
بعد الميلاد الذين عاشوا في قيسارية كانوا يستخدمون القصر كمكان لاقامتهم في القدس.
وفي الفترة الصليبية اصبح القصر مقرآ لاقامة ملك القدس الصليبي، وفي القرن الرابع
عشر أضاف المماليك تحصينات القاعة التي ما زالت قائمة حتى اليوم. أما المدخل
التذكاري ومنصة المدافع فقد شيدها السلطان العثماني سليمان، والمئذنة أيضا بناها
الأتراك عام 1655م.
تحتوي القلعة اليوم على متحف المدينة الذي يحكي تاريخ مدينة القدس وتقدم فيه عروض
مصورة على شاشات متعددة بالإضافة إلى برامج صوتية وضوئية يمكن رؤيتها طوال ساعات
النهار.
ويمكن الوصول إلى المتحف من باب الخليل، وهناك رسوم دخول إلى المتحف في حدود أربعة
دولارات.
المدينة الجديدة :
تحيط الضواحي العربية للقدس بالمدينة القديمة من الشمال والشرق والجنوب وتسمى
بجملتها القدس الشرقية أو القدس العربية، والجزء الغربي من المدينة يعرف بالقدس
اليهودية أو الإسرائيلية، أما المستوطنات الإسرائيلية التي تحيط اليوم بالمدينة من
الشمال والشرق كالسوار في المعصم، فقد بنيت كلها بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس
عام1967م، وهي بشكل عام مجمعات سكنية حديثة تشبه القلاع، وتفتقر إلى أي لمسة جمالية
أو أهمية دينية أو تاريخية، ولذلك فإنها غير مشوقة للسائحين، إلا إذا كانوا مهتمين
بالوضع السياسي الراهن في البلاد. أما داخل مدينة القدس وضواحيها القديمة، شرقا
وغربا، فان هناك عددا كبيرا من المواقع الدينية والتاريخية الهامة، والكثير من
المتاحف التاريخية والفنية الجميلة.
القدس الشرقية:
تتركز مدينة القدس العربية حول ثلاثة شوارع رئيسية هي شارع نابلس وشارع صلاح
الدين وشارع السلطان سليمان، ويقع فيها كثير من الأماكن الدينية والتجارية المهمة
مثل: مغارة سليمان التي تمتد لمسافة 200 متر تحت سور المدينة بين باب العمود، وباب
الزاهرة، ومقابلها خارج الأسوار الموقع الذي يعتقد انه كان محجرا للملك سليمان، وهو
اليوم محطة باصات لمنطقة شرقي القدس، أما حديقة القبر ودير القديس ايتين فتقعان
مباشرة خارج سور المدينة على شارع نابلس، الذي يمتد شمالا نحو كنيسة القديس جورج،
وتعرف القبور التي في حديقة الكنيسة باسم قبور الملوك، وتعود إلى القرن الأول بعد
الميلاد.
-متحف روكفلر أو متحف فلسطين الأثرى:
يقع هذا المتحف الجميل والهام مقابل باب الزاهرة، وقد بني 1927م بتبرع من جون
د.روكفلر الابن ويحتوي المتحف على عدد من الكنوز الأثرية التي جمعت بفضل سنوات عده
من الحفريات في الأراضي المقدسة. المواد المعروضة فيها مرتبة تبعا للزمن، وهي تعود
بالزوار إلى اكثر من 200.000 سنة من الآن وصولا إلى القرن الثامن عشر الميلادي.ومن
ضمن المعروضات الأكثر إثارة في المتحف مجموعة من المجوهرات التي يعود تاريخها إلى
العام 1700 ق.م. وحتى 700م، ومجموعة من العملات التي تعود إلى العام 500ق.م حتى
1600م، ومجموعة من مصابيح الزيت من العصر البرونزي المبكر حتى الفترة الإسلامية،
وألواح خشبية من القرن السابع والثامن تعود للمسجد الأقصى، وزخرفات منحوتة ورسوم
جصية من الفترة نفسها تعود لقصر هشام في أريحا. ويحتاج المرء إلى ساعتين على الأقل
لمشاهدة كل هذه المعارض. ويحتوي المتحف أيضا على مكتبة خاصة في علم الآثار، وهي
واحدة من افضل المكتبات المتخصصة في القدس ، وليس هناك رسوم دخول إلى المكتبة ولكن
الدخول إلى المتحف يحتاج إلى دفع رسوم تعادل حوالي أربعة دولارات.
-وادي قدرون:
مدينة القدس محاطة من ثلاث جهات بأودية عميقة وواسعة هي وادي هنيوم، ووادي
قدرون أو وادي القيامة، الذي يفصل المدينة عن جبل الزيتون، في الجهة الشرقية من
وادي قدرون مجموعة من المقابر، من بين أهم واجمل قبورها القبر المعروف بطنطور فرعون
بقبته التي تشبه رأس القنينة، ويعود تاريخه إلى القرن الأول قبل الميلاد، وقبر
زكريا بقبته التي تشبه الهرم، ويعود تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وقبر بنت
فرعون بقبته المكعبة من القرن التاسع أو السابع قبل الميلاد......
جبل الزيتون:
يطل على المدينة القديمة من الشرق، وهو الجبل الذي كان يسوع المسيح يصعد له
بشكل دائم للتأمل والصلاة، يرتفع الجبل حوالي مائة متر فوق المدينة القديمة، ويمكن
للزوار الاستمتاع بمنظر رائع لمدينة القدس القديمة وقبة الصخرة من نقطة على سفحه
الغربي، ليس بعيدا عن مستشفى المقاصد الإسلامية، أكبر وأهم المستشفيات العربية في
القدس والمناطق الفلسطينية.
يرتبط جبل الزيتون بكثير من الأحداث المتعلقة بحياة السيد المسيح، الأمر الذي يفسر
وجود العديد من الكنائس عليه. فكنيسة "أبانا " بنيت على الموقع الذي علم فيه يسوع
تلاميذه صلاة "أبانا الذي في السماء".
والصلاة المكتوبة على جدران الكنيسة ب(62) لغة مختلفة، أما كنيسة الصعود فتقع
على راس الجبل، ولا تبعد كثيرا عن كنيسة أبانا. ومن هنا صعد يسوع إلى السماء بعد أن
بارك تلاميذه، وكنيسة دومينوس فليفت تقع عند بداية المنحدر باتجاه وادي قدرون.
بنيت هذه الكنيسة سنة 1890م تخليدا لحادثة بكاء المسيح على القدس وقد صممت على شكل
مزار يشبه قطرة الدمع رمزا لبكاء السيد المسيح على مدينة القدس، أما كنيسة القديسة
مريم المجدلية الارثوذكسية الروسية فتقع اسفل الجبل. بناها القيصر الروسي الاسكندر
الثالث في 1888م، بقبابها الذهبية السبعة الجميلة ذات الشكل البصلي من اجمل الكنائس
في القدس. وهناك كنيسة مريم العذراء في وادي قدرون، وهي المكان الذي يعد وفقا
للتقاليد المسيحية الموقع الذي صعدت منه روح مريم العذراء إلى السماء. بنى
الصليبيون هذه الكنيسة في القرن الثاني عشر للميلاد مكان كنيسة بيزنطية وجدت قبلها،
ويعد المسلمون أيضاً هذا المكان مقدساً، ويأتون للتعبد فيه، مقابل جبل الزيتون من
الشمال يقف جبل سكوبس، وعلى قمته يقف مستشفى الأوغستافكتوريا (المطلع)، وهو بناء
جميل شيده الألمان، ويمكن من خلفه مشاهدة أجزاء من برية القدس، وعلى السفح الشمالي
والغربي للجبل يمكن رؤية الحرم الشرقي للجامعة العبرية، ومستشفى هداسا التابع له،
وقد (احتلت إسرائيل هذه المنطقة في العام 1948) وكانوا قبل احتلالهم للمدينة عام
1967 يصلون إلى هنا في قوافل تحمل علم الصليب الأحمر. وعند أقدام الجبل يقع فندق
الحياة ريجنسي، أحد أكبر الفنادق في القدس.
الجثمانية:
بنيت هذه الكنيسة فوق صخرة الآلام التي يعتقد أن المسيح صلى وبكى عليها قبل أن
يعتقله الجنود الرومان. وهي أيضاً المكان الذي اختبأ يسوع وتلاميذه في حديقتها قبل
اعتقاله وأخذه إلى القدس.
ويعود تاريخ الكنيسة الأولى في الموقع إلى الفترة البيزنطية، عام 389 بعد الميلاد،
دمر الفرس الكنيسة أثناء غزوهم لفلسطين عام 614م، ولكن الصليبيين أعادوا بناءها في
القرن الثاني عشر.
وبنيت الكنيسة الحالية التي تعتبر من أجمل الكنائس في الأراضي المقدسة عام 1924م،
وقد أسهمت ستة عشرة دولة بتمويل بنائها ولذلك صارت تعرف باسم "كنيسة كل الأمم".
وتضم حديقتها ثماني أشجار زيتون من الفترة الرومانية.
بركة ونفق سلوان:
تقع البركة والنفق مباشرة خارج أسوار المدينة القديمة من الشرق في قرية سلوان
المجاورة، ومن المحتمل أن بانيها هو حزقيا، ملك القدس أثناء الغزو الآشوري لفلسطين
في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد. بني النفق المعروف أيضاً بنفق حزقيا والمنحوت
في الصخر لضمان تدفق مياه عين سلوان "عين جيحون" وهي المصدر الرئيس للمياه في مدينة
القدس، وحمايته من الغزاة الآشوريين. تقع البركة عند آخر النفق جنوبي المدينة،
وكانت تستعمل خزاناً احتياطياً لمياه عين جيحون الآتية لها عبر النفق وتعد البركة
مقدسة لدى المسيحيين أيضاً لأن يسوع بعث الرجل الأعمى ليغسل الطين عن عينيه بمياهها
فاستعاد بصره (يوحنا 9).
كنيسة القديس بطرس:
بنيت هذه الكنيسة على الموقع الذي حدثت فيه محاكمة يسوع الأولى في بيت عظيم
الأحبار قيافة. حيث يقول العهد الجديد إن يسوع اعتقل في بستان الجثمانية، ثم اقتيد
إلى مكان يطل على وادي قدرون، وهنا أنكر القديس بطرس يسوع ثلاث مرات وبكى على الجهة
اليسرى من الكنيسة. هناك مجموعة من الأدراج يعتقد أن تاريخها يعود إلى زمن المسيح.
كنيسة العيزرية:
تقع هذه الكنيسة في قرية العيزرية، 4 كم شرقي القدس على الطريق إلى أريحا، الاسم
الحالي للقرية مشتق من الاسم اليوناني الأصلي "لازاروس". وتشتهر الكنيسة بكونها
المكان الذي أعاد فيه يسوع الحياة لرجل من بين الأموات (يوحنا 11: 1-44). ويعود
تاريخ بناء الكنيسة الحالية إلى خمسينات هذا القرن وقد بنتها كنيسة الروم الكاثوليك
على أنقاض كنيسة سابقة تعود للفترة الصليبية، وكانت تلك بدورها قد حلت محل كنيسة
سابقة تعود للفترة الصليبية، وكانت تلك بدورها قد حلت محل كنيسة أقدم عهداً تعود
إلى القرن الرابع الميلادي، لقد تم تحويل الكنيسة إلى مسجد بعد طرد الصليبيين من
القدس، ولكنها حولت مرة أخرى في القرن السابع عشر إلى كنيسة، الكنيسة المجاورة ذات
القبة الزرقاء تابعة للروم الأرثوذكس.
جبل المكبر:
يطل هذا الجبل على مدينة القدس من الجنوب ويطلق عليه البعض جبل صهيون ويضم
بعضاً من أهم المواقع الدينية، بما فيها قبر الملك داود أو "النبي داود" حسب
التقاليد الإسلامية. هذا القبر مقدس لدى المسلمين والمسيحيين واليهود…، والكنيسة
التي على الجبل مقامة في المكان الذي تناول فيه يسوع عشاءه الأخير في الفصح مع
تلاميذه، والمكان الذي توفيت فيه مريم العذراء بحسب التقاليد المسيحية، أقام
الصليبيون كنيسة على قمة الجبل في سنة 1100 بعد الميلاد وسموها كنيسة القديسة مريم.
دمرت الكنيسة عام 1219. حول الأتراك المكان إلى مسجد في القرن السادس عشر، وبقي
الأمر كذلك حتى سنة 1898 عندما منحه سلاطين الأتراك للقيصر الألماني ولهلم الثالث
الذي أعطاه بدوره للآباء البندكتيين الذي أعادوا بناء الكنيسة عام 1910. تعرف
الكنيسة اليوم بكنيسة الصعود "الدورمشن" وهي البناء الأكثر بروزاً على جبل "المكبر"
سقفها مزين برسم جميل من الفسيفساء لمريم العذراء والطفل يسوع وفي القبو تمثال حجري
لمريم العذراء وهي نائمة على فراش الموت.
عين كارم:
تقع هذه القرية الفلسطينية الجميلة عند المدخل الغربي لمدينة القدس، على الشارع
المؤدي إلى مدينة يافا وتل أبيب، كنائسها الجميلة تخلد ذكري ميلاد القديس يوحنا
المعمدان والأماكن التي عاش فيها هو ووالداه. لقد تم طرد سكان هذه القرية من
الفلسطينيين خلال حرب 1948 مثلهم مثل سكان 400 قرية في منطقة القدس والمناطق
الأخرى، ويقوم على أراضيها اليوم مستشفى هداسا عين كارم، أهم وأفضل مستشفى في مدينة
القدس، ومازال بالإمكان اليوم رؤية بقايا قرية عين كارم الفلسطينية وقرى فلسطينية
أخرى مثل دير ياسين، والمالحة، ولفتا….الخ حول مدينة القدس، ولكن زيارتها بالنسبة
للفلسطينيين والعرب قد تكون صعبة، وهي شاهد حي على الأحداث الأكثر دموية والأكثر
مرارة في تاريخ هذا البلد العريق (على يد الاحتلال الإسرائيلي).
هذا ويوجد في القدس حوالي 38 فندقاً سياحياً وحوالي 23 مركزاً ثقافياً وفنياً
وثلاثة متاحف.
--------------------------------------------------------------------------------
المصادر
1. موسوعة المدن الفلسطينية م.ت.ف- دائرة الثقافة.
2. دليل فلسطين السياحي- المؤسسة الفلسطينية للتبادل الثقافي.
3. كتاب يوم القدس- القدس عاصمة فلسطين- الدورة الرابعة. 27-28 آيار 1998- جامعة
النجاح الوطنية.
4. كتاب Palestine The Holy Land- وزارة السياحة والآثار ومؤسسات أخرى.